تم إنشاء هذه الصورة باستخدام نموذج دالي، ولا تعود لأي شخص حقيقي.
في عالمٍ تزداد فيه أدوات الذكاء الاصطناعي تطورًا وانتشارًا، لا يكاد يخلو أسبوعٌ من ترند جديد يشعل مواقع التواصل الاجتماعي. الترند الأخير؟ تحويل صورك الشخصية إلى رسومات مستوحاة من أسلوب ستوديو جيبلي، الاستوديو الياباني الشهير الذي قدم لنا أفلامًا مثل سبيريتد أواي وماي نيبور توتورو. وبضغطة زر، يمكنك أن ترى نفسك وكأنك بطل في فيلم أنمي ساحر.لكن، وكما هو الحال في معظم التريندات الرقمية، هناك دائمًا “ما وراء الكواليس”.
الأمر لا يقتصر على جيبلي
رغم أن أسلوب جيبلي كان الأكثر انتشارًا، إلا أنّ المستخدمين بدأوا يجربون تأثيرات مشابهة مستوحاة من ذا سيمبسونز، وبيكسار، وديزني، وألعاب مثل ماينكرافت. الترفيه في أعلى مستوياته، والإبداع لا حدود له، ولكن…
مع كل صورة تُحمّل، هناك كمية من البيانات يتم جمعها، وتخزينها، وربما استخدامها لاحقًا في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي لا ينسى
وفقًا لما نُشر في ذي إيكونوميك تايمز، فإن أدوات مثل شات جي بي تي الجديدة (التي تستخدم نموذج جي بي تي فور أو) باتت قادرة على توليد صور بأساليب فنية محددة مثل جيبلي، بمجرد رفع صورة شخصية وإعطائها تعليمات مناسبة. ما لا يدركه الكثير من المستخدمين هو أن رفع هذه الصور يتم بموجب شروط استخدام غالبًا ما تمنح الشركة الحق في الاحتفاظ بالصورة واستخدامها لأغراض التطوير والتحسين.
ويُحذر الخبراء، مثل الباحثة المتخصصة في الخصوصية الرقمية لويزا جاروفيسكي، من أن “الصورة التي ترفعها اليوم بهدف التسلية قد تُستخدم غدًا لتدريب نظامٍ لا تعرف عنه شيئًا، ودون أي تحكم منك”.
هل الأمر قانوني؟
الجواب يعتمد على مكان تواجدك. في دول الاتحاد الأوروبي، يخضع استخدام البيانات لقوانين صارمة مثل اللائحة العامة لحماية البيانات جي دي بي آر. أما في دول أخرى، فغالبًا ما تكتفي الشركات بعبارات عامة في شروط الاستخدام مثل “نستخدم بياناتك لتحسين خدماتنا”، ما يُفسّر بطرق متعددة ويُستغل أحيانًا.
في تقريرٍ نُشر على ذي هيندو بيزنس لاين، أُشير إلى أن الكثير من المستخدمين لا يدركون أن رفعهم لصورة واحدة يمنح الأداة “إذنًا طويل الأمد” لتخزينها وتحليلها، مما يفتح الباب أمام استخدامات مستقبلية غير معلنة.
ليس الأمر مجرّد صورة كرتونية
صحيح أن الناتج النهائي يبدو بريئًا ولطيفًا، لكن البيانات التي تدخل في هذه العملية قد تكون كنزًا ثمينًا لنماذج الذكاء الاصطناعي. كل صورة تحمل معلومات عن شكل الوجه، العُمر التقريبي، نوع البشرة، وربما حتى المشاعر والتعابير. هذا النوع من البيانات البصرية يساعد الشركات في تطوير نماذج قادرة على “فهم” الوجوه والتفاعل معها بطرق أكثر دقة.
ماذا يمكنني أن أفعل؟
لستَ مضطرًا لتجاهل كل تقنية جديدة أو تفادي كل ترند، ولكن يمكن أن تتبع بعض الخطوات البسيطة لحماية خصوصيتك
🔸اقرأ شروط الاستخدام، وخصوصًا القسم المتعلق بالبيانات.
🔸تجنّب رفع صور لأطفالك أو لأشخاص لم يمنحوك إذنًا.
🔸استخدم أدوات تعلن بوضوح أنها لا تحتفظ بالصور.
🔸اسأل نفسك: هل هذه المنصة توفّر لي خيار حذف بياناتي لاحقًا؟
خلاصة القول
في عالمٍ تُحرّكه الخوارزميات، وتتنافس فيه الشركات على أكبر كمية من البيانات، من الضروري أن نكون أكثر وعيًا بما نشاركه. قد تبدو الصورة الكرتونية ممتعة الآن، لكن تذكّر أن الذكاء الاصطناعي لا ينسى، وأن كل مشاركة رقمية تترك أثرًا.
لا تجعل الخصوصية ثمنًا للترفيه… فبعض التريندات تحمل في طيّاتها أكثر مما تراه العين.